رواية «صَبْرة».. حين يتحوّل الذهب إلى طُعم والموت إلى سيّد الوادي

في وادي العلاقي، لا يسكن الصمت فراغٌ عابر، بل تقيم فيه حكايات الدم، وتتحرك تحته أسرار لا تحب أن تُكشف. هناك، حيث تتقاطع الأسطورة مع الواقع، تأتي رواية «صَبْرة» للكاتب علاء أبو الحجاج كعمل سردي مشحون بالرهبة والغموض، يكشف وجهاً آخر لصعيد مصر، وجهاً لا يُرى إلا لمن تجرأ على الاقتراب.
الرواية تنطلق من فكرة تبدو مألوفة: البحث عن الذهب. لكن سرعان ما تتبدد بساطة الهدف، ليكتشف القارئ – مع أبطال الرواية – أن الذهب في هذا الوادي ليس سوى طُعم، وأن الجائزة الحقيقية التي ينتظرها الداخلون ليست الثراء، بل مواجهة مصير غامض قد كُتب سلفاً.
وادي حيّ يتنفس الموت
يبرع الكاتب في تحويل المكان من خلفية للأحداث إلى كائن حي، يراقب، يخطط، وينتظر لحظة الانقضاض. وادي العلاقي في «صَبْرة» ليس مجرد جغرافيا، بل قوة غامضة تحفر قبورها بنفسها، وتستدرج ضحاياها بصبرٍ مخيف.
من حارس المحطة الذي يختفي تاركاً خلفه ورقة ملفوفة بجلد ثعبان، إلى ليالٍ يُسمع فيها صوت حفر القبور بلا حفّارين، تتصاعد الأحداث في أجواء مشحونة بالتوتر، حيث يصبح القتل مغناطيساً يجذب الذهب، لا العكس.
يونس وبخيت.. صراع الإدراك والإنكار
عبر شخصيتي يونس وبخيت، يطرح الكاتب سؤالاً مركزياً:
هل النجاة لمن يفهم الحقيقة أم لمن يصرّ على إنكارها؟
يونس يدرك مبكراً أن هناك ثمناً أكبر من المخاطرة، بينما يحاول بخيت التمسك بوهم السيطرة والخريطة. وبين الإدراك والإنكار، تتكشف أسرار الرجال، وتظهر خفايا الجبال، وتبدأ الأرض في الحديث… لكن بعد فوات الأوان.
لغة صعيدية مسكونة بالسحر
تعتمد الرواية على لغة كثيفة، مشبعة بروح الصعيد، تمتزج فيها الواقعية بالسحر، والخرافة بالحقيقة، لتخلق عالماً سردياً يذكّر القارئ بأن بعض الأماكن لا تُغادر ساكنيها أبداً، حتى لو غادروها جسداً.
ملحمة عن الاختيار والمصير
«صَبْرة» ليست مجرد رواية تشويق، بل ملحمة عن الطمع، والخوف، والقدر، وعن اللحظة التي يقرر فيها الذهب أن يختار أسياده… أو ضحاياه.
معلومات النشر
- العنوان: صَبْرة
- الكاتب: علاء أبو الحجاج
- الناشر: ديوان العرب للنشر والتوزيع
- أماكن التوفر: معرض القاهرة الدولي للكتاب 2026
- جناح: دار ديوان العرب للنشر والتوزيع
رواية «صَبْرة» عمل يحبس الأنفاس، ويدعو القارئ إلى التساؤل:
هل من يملك الخريطة ينجو حقاً؟ أم أن الوادي حجز أماكن الجميع مسبقاً؟



