رؤية أكرم سعودي كيف يختلف سوق العقارات في مصر عن نظيره في الامارات

بين مصر والإمارات: رؤية أكرم سعودي حول اختلاف أسواق العقارات بين بيئتين مختلفتين
في عالم العقارات، لا تتشابه الأسواق مهما تقاربت الجغرافيا أو اللغة. هذا ما يؤكده أكرم سعودي (Akram Seoudi)، أحد أبرز المتخصصين في المبيعات والتطوير العقاري في دولة الإمارات، والذي يمتلك خبرة تمتد لأكثر من عشرين عامًا، منها اثنتا عشرة سنة داخل السوق الإماراتي الذي يُعد من أكثر الأسواق تنافسية وتنظيمًا في المنطقة.
1. بيئة السوق: تنظيم مقابل عشوائية نسبية
يبدأ سعودي حديثه بالتأكيد على أن الفارق الأكبر بين السوقين يتمثل في الهيكل التنظيمي.
في الإمارات، السوق العقاري يخضع لأنظمة دقيقة وواضحة تُنظّم العلاقة بين المطور والوسيط والمشتري، وتضمن حماية حقوق جميع الأطراف. القوانين العقارية الحديثة، مثل التسجيل الإلكتروني للعقود والشفافية في التسعير، جعلت السوق أكثر استقرارًا وثقة.
أما في مصر، فالسوق لا يزال في مرحلة تطوير مستمر. رغم النمو الملحوظ خلال السنوات الأخيرة، إلا أن بعض التحديات مثل عدم وضوح التشريعات أو تكرار المشاريع المشابهة دون دراسات سوق كافية تؤثر على استقرار السوق على المدى الطويل. ومع ذلك، يرى سعودي أن مصر تمتلك فرصًا ضخمة للنمو إذا تم استكمال عملية التنظيم والرقمنة بالشكل المطلوب.
2. ثقافة المشتري: استثمار مقابل سكن
يوضح أكرم سعودي أن ثقافة المشتري في الإمارات تختلف جذريًا عن نظيرتها في مصر.
في الإمارات، أغلب المشترين يتعاملون مع العقار كاستثمار وليس كمجرد سكن. المشتري يبحث عن العائد، العائد الإيجاري، وجدوى إعادة البيع. لذلك، تعتمد قرارات الشراء على الأرقام، العوائد، والموقع الاستراتيجي.
بينما في مصر، لا يزال معظم المشترين ينظرون إلى العقار كـ ملاذ آمن أو مكان للعيش. فالقيمة العاطفية تسبق في الغالب القيمة الاستثمارية. ومع ذلك، بدأ هذا المفهوم يتغير تدريجيًا مع دخول فئات جديدة من المستثمرين الشباب وسعي الشركات لتقديم مشاريع توفر عائدًا فعليًا على الاستثمار.
3. دور المطورين: احترافية مقابل اجتهاد
يصف سعودي المطورين العقاريين في الإمارات بأنهم يعملون وفق نظام مؤسسي واضح، يعتمد على دراسات سوق دقيقة وخطط تسويقية علمية، مع التزام صارم بالمواعيد ومعايير الجودة.
في المقابل، يشير إلى أن كثيرًا من المطورين في مصر يعتمدون على الاجتهاد الفردي والخبرة الشخصية، وهو ما يخلق تفاوتًا واضحًا بين الشركات الكبرى التي تعمل باحترافية عالية، وتلك التي لا تزال تفتقر إلى المنهجية.
ويؤكد سعودي أن السوق المصري في طريقه لتقليل هذا الفارق، خصوصًا مع دخول شركات دولية وخبرات عربية بدأت تنقل أساليب الإدارة الحديثة والتسويق العقاري المتطور إلى السوق المحلي.
4. المبيعات والتسويق: فرق في الذهنية والأسلوب
من خلال خبرته الطويلة، يرى أكرم سعودي أن التسويق في الإمارات يعتمد على التحليل والبيانات، بينما في مصر يركز غالبًا على العلاقات الشخصية والمهارة الفردية.
ويقول:
“المسوق في الإمارات يشتغل بالأرقام قبل الكلمات. أما في مصر، فغالبًا ما يشتغل بالإقناع قبل البيانات. كلا الأسلوبين ناجح، لكن الجمع بينهما هو سر النجاح الحقيقي.”
5. نصيحته للوسطاء والمبيعات
من واقع تجربته، يوجّه سعودي عدة نصائح للوسطاء العقاريين في مصر والمنطقة العربية:
• اعرف دورك: الوسيط يبيع خدمة، والمطور يبيع منتجًا. لا تخلط بين الاثنين.
• النظام أهم من الموهبة: الموهبة قد تُغلق صفقة، لكن التنظيم يصنع مسيرة ناجحة.
• استمع أكثر مما تتحدث: لأن فهم احتياجات العميل أهم من محاولة إقناعه.
• كوّن أسلوبك الخاص: الشخصية الحقيقية هي ما يبقى في أذهان العملاء، لا الكلمات المؤقتة.
خاتمة
يؤمن أكرم سعودي أن كلا السوقين — المصري والإماراتي — يسيران نحو مستقبل واعد، لكن الفارق يكمن في السرعة والتنظيم.
الإمارات سبقت بخطوات بفضل وضوح الرؤية، ودعم الحكومة للقطاع العقاري كركيزة اقتصادية. أما مصر، فهي تمتلك قاعدة ضخمة من الطلب وفرصًا هائلة تحتاج فقط إلى استدامة في التنظيم وثقة المستثمرين.
ويختتم سعودي رؤيته قائلًا:
“الاحتراف لا يعني التشابه، بل أن تتعلّم من تجارب الآخرين وتطوّر أسلوبك بما يناسب سوقك.”
تُظهر مقارنة أكرم سعودي بين السوقين المصري والإماراتي أن الاختلاف لا يعني التباعد، بل تنوع في التجارب والأساليب.
فالإمارات قدّمت نموذجًا في التنظيم والاستدامة، بينما تسير مصر بخطى ثابتة نحو مرحلة النضج والتكامل بين الفكر الاستثماري والتطوير العمراني.
ومع تطور التشريعات، وازدياد وعي المشترين والمطورين، يبدو المستقبل العقاري في المنطقة أكثر نضجًا وتكاملًا من أي وقت مضى.
ففي النهاية، السوق القوي لا يُبنى بالمشروعات فقط، بل بالعقول التي تُديرها، والرؤية التي تُوجّهها



